عندما تقرر دخول فيلم "الريس عمر حرب" لخالد يوسف كما يحب أن يطبع دائماًَ على أفلامه
وكان لي تحفظاً على دخوله في البداية بحجة أنه ليس في المستوى اللائق الذي أحببته من خالد يوسف وبه جرعة أكبر من "السفالة" بلا داعي ، الأمر الذي دعاني للدهشة مِن كل مَن في دار العرض باختلاف جنسه أو عمره ؟؟!!
ولكنني أختلف معه هذه المرة تماماً فهو ليس فيلماً لخالد يوسف ولا من تأليف هاني فوزي كما كتب على الأفيشات وما إلى ذلك ولكنه في الحيقية تمصيراً لفيلم "محامي الشيطان" أو "Divel's Advocate" سنة 1997 فالفيلم ليس على هذا النحو فقط ولكنه أخذ نفس المجرى المعتاد مع بعض التحجيم للأحداث كي تصبح أكثر مصريةً أو بالأصح تصلح لأن تعرض في بلد عربي ومسلم ولا أعتبره ذكاءً بقدر ما هو عجز وعدم قدرة على محاكاة نفس أحداث الفيلم الأصلي فما حدث هو إعادة صنع أو Remake لفيلم محامي الشيطان بحذافيره
فكما حدث هناك كان Al Pacino يلعب دور الشيطان المقابل له خالد صالح هنا في الريس عمر حرب مع فارق أن آلباتشينو كان مالكاً لشركة محاماة أما خالد صالح كان مالكاً لصالة قمار وهاني سلامة هو الذي يلعب دور Keanu Reevs مع الفارق أن كيانو كان محامياً وهاني سلامة يعمل في صالة القمار تلك، أما بعدها حين يستأجره ويستعرض عليه أطواره الغريبة بطريقة بدائية جداً وترى طريقة تحكم خالد صالح بعينيه شديدتي اللمعان التي تأمر الأشياء بطريقة في قمة المبالغة وكأنك تشاهد فيلماً كارتونياً من إنتاج دولة "قراقوزيا" وبعدها يأتي تكشُّف الحقيقة التي كان يعلمها كل المتفرجين وحتى طاقم العمل بدور العرض وكل من شاهد الـ Trailer للفيلم في تليفزيونات مترو الأنفاق وأنا منهم بما فيهم سائق المترو نفسه ... وسبب مشاهدتي لإعلان الفيلم في المترو هو أن ..... "لن أدخل في موضوعات جانبية تستفز البعض ... الخلاصة أن الحقيقة كانت أن خالد صالح يلعب دور الشيطان "WOW" !
ونفس الأحداث والأماكن من البداية للنهاية تتكرر بين الفلمين مروراً بقتل الشخص الذي كان يعمل لديهم كما حدث بالظبط وقبلها يُعين خالد صالح هاني سلامة بالذات وهو الشخص الذي جاء أخيراً، وحتى منزل خالد صالح كذلك الصرح الذي كان يسكنه آلباتشينو مع فارق الإنتاج الذي تفوق عليه Taylor Hackford مخرج فيلم محامي الشيطان
وإن كان هناك العديد من الاتفاقات والتي معها لا تدع مجالاً للشك في تأكد واقعة النقل ، مع اختلاف أن كيانو رييفز كان متزوجاً من تشارليز ثيرون ولكن هاني سلامة لم لكن متزوجاً ولكنه أحب سمية الخشاب وأحس ببعض الإحساس تجاه غادة عبد الرازق والتي كانت تصرفاتها إلى حد كبير تشبه كوني نيلسون
ولكن الذي قد يحسب لخالد يوسف أو ربما للمؤلف هاني فوزي أنه اختلف في "النهاية" والتي أعتقد أنها تتلائم كثيراً مع الواقع العربي والمصري حالياً وهي اختلافه هنا أن كيانو رييفز أعلن رفضه للانصياع لكلام الشيطان أما شخصية هاني سلامة فقد قرر بكل سذاجة استكمال المشوار وعناق الشيطان دون أدنى تفكير ... وربما تكون صدفة ولم يرد بذهنهم هذا الإسقاط ... ولكن من الأرجح أن خالد يوسف من أتباع الفكر التقليدي في أن السينما تعرض المشكلة ولا تقدم حلولاً وأنا من أشد المعارضين لهذا المبدأ .. لماذا لا نقدم الحل إذا وجدناه؟ ولكن في سياق درامي ولا ضير من بعض النصح؟
شخصياً سأستخدم السينما لحل النزاعات وتصحيح السلوكيات والمجتمع بطريقة نقدية ساخرة ... ما المانع؟
والله أعلم لماذا أخرج خالد يوسف هذا الفيلم وجعل هذا التشابه والذي هو ليس مجرد تشابه فقط ولا يدل على ذلك
هل لجهله بفيلم محامي الشيطان؟ وهو الأمر الذي لا أظنه
هل لإيمانه بفكرة ضرورة نقل الفكرة وتمصيرها؟ ولكن ما الداعي لسرقة الأحداث والتي ليست مستوحاه فقط
هل لعجزه عن كتابة فيلم فاضطر لقبول الفيلم كي يثبت وجوده؟ رغم أن الفيلم لم يكن به أي إبداع إخراجي ولا أي بصمة من بصماته
لا أعلم السبب ولكنني أعلم أنها ليست المرة الأولى فقبلاً حدثت في فيلم "ويجا" ليس بهذه الطريقة الفجة في النقل والتمصير ولكن بالفكرة ولربما أيضاً لم يكن يعلم بفيلم "What Lies Beneath" لهاريسون فورد وميشيل فيفر من إخراج روبرت زيميكس سنة 2000 والذي يدور بنفس الفكرة وعن لعبة الويجا أيضاً.
شخصياً لا أعيب في خالد يوسف ولكنه من وجهة نظري اتخذ طريق يوسف شاهين الذي لا أحبذه ليس في تقليده ولكن في أيديلوجية خاصة يتعامل بها مع الأفلام لا تعجبني شخصياً
أعجبني كثيراً مشوار خالد يوسف حتى فيلم "إنت عمري" تأليف د. محمد رفعت وهو فيلم جيد وأيضاً قبله فيلم "جواز بقرار جمهوري" ليس تأليف خالد يوسف ولا أذكر حقيقة من المؤلف ولكنه حينما دخل في مرحلة التأليف و الإخراج أن يكون صانع فيلم - وهذا هو النحو الذي سأنتحيه إن شاء الله - بداية بفيلم ويجاً وما بعده فقد قارب إلى انضمامه من جديد لمدرسة يوسف شاهين في طرقه للمواضيع الشائكة والساخنة لمجرد عرض سخونتها وليس للتعرض لها ، وإن كان كذلك فأول فيلم له كان بنفس الطريقة وهو "العاصفة" من إخراجه وتأليفه ولكن كان فيلماً جيداً جداً ومن طراز مختلف عن المعهود من تلامذة يوسف شاهين الذين انساقوا في الأفلام التعبيرية وشديدة التكلف والتعقيد لمجرد اطلاق لفظة "الفيلم ده عبقري وبتاع مهرجانات مش بتاعنا" .
قد تكون هذه سينما خالد يوسف أو أصبحت كذلك ، ربما زيادة في عناده على عناد من يصطلحون مصطلح "السينما النظيفة" وهو من أشد المهاجمين له ويبدو ذلك جداً في أفلامه الأخيرة ،
في النهاية كلٌّ حرٌّ في رأيه